[size=12]ما الذي بوسعنا أن نقدمه
للإسلام ؟
ما الذي بوسعنا
أن نقدمه للإسلام.......؟؟
هذا السؤال الذي يمتد بإمتداد العمر المر و
يتمدد في أعماق الهم الذي شغل القلب و الفكر و الخاطر بطول الحياة ...
هذا
السؤال الذي أسأله لنفسي كل صباح,
كلما ازداد وجه هذا العالم دمامة,
كلما
تراكمت الهموم على أرصفة ميناء الخلاص الأخير ,
كلما عم الفساد أكثر فأكثر و
استشرت الفوضى في البلاد و القلوب و المفاهيم
و كلما طال انحناء ظهور العباد
للعباد ,
كلما غاب العدل و الحق و كلما ازدادت عتمة هذا الليل الطويل
و
كلما أوغلت البشرية في غيها و غرورها و ابتعادها عن الصراط...
سؤال أنَّ له
القلب و أرِقَتْ به العين و لا سبيل لنا لأن نكون إلا إذا صغنا حياتنا في الإجابة
عليه..
في رأيي و الله تعالى أعلم , أن أفضل ما يمكننا أن نقدمه للاسلام هو
أن نكون مسلمين بحق و بكل ما يعنيه انتمائنا للاسلام من معاني , و لا شيء أيضاً.
أما كيف نفعل ذلك وما الذي يتطلبه حملنا لهذه الرسالة الخالدة في هذا الزمن
الصعب فها هنا مفتاح الفهم و مضمار الكدح لكل من حمل هذا الهم, و ها هنا أمر لا
تكفيه السطور و لا توفي شروحه كلمات عابرة .
• في
البدء .... لا مناص من أن نحمل الرسالة و من أن نعود لنضيء السراج للبشرية التي ضلت
طريقها الى الصلاح فباتت تتخبط في ظلمات البغي و الفجور, فلن يغفر لنا التاريخ أننا
أطفئنا السراج في عتمة ليل الانسانية الحالك في الوقت الذي لا يملك فيه غيرنا ان
يضيء لها الطريق الى سبيل الخلاص .
• فان كنا قد شُغلنا
بهذا الهم ـ و ها هنا و الله بيت القصيد ـ إن شغلنا بهذا الهم فلا مناص من أن نشحذ
له الهمم و أن نستحث العزم على السعي نحو إحياء هذا الدين في الأرض بدءاً بالقلوب و
بدءاً بقلوبنا نحن حتى لا تغفل و تغلبها شقوة الحياة فتضل و تنسى .
إن
لحظات إضاءة البصيرة لحظات عابرة في الحياة فمن آنس منها نورا و لم يأت منه بقبس أو
جذوة من النار فأنى له ان يرى بعد ذلك الصراط , الشاهد , لم يعد هناك متسع من الوقت
لكي يضيع , فلنلزم قلوبنا باليقظة و لنبدأ السعي....و ما أطول المسعى بين مدارج (
إياك نعبد ) و (إياك نستعين) فالله المستعان.
•
أمران لابد من التنبه لهما , فنحن بحاجة إلى همة عالية لا يخالطها اليأس و لا تحط
من علوها تصاريف الحياه , و علم ينير البصيرة و يهدينا إلى سواء السبيل , و لا صلاح
لنا بغير هاتين, و ما ضيعنا و أذلنا و كسر هاماتنا بين الأمم إلا أننا ضيعنا
هاتين... فقد أصبح شباب الأمة غثاء كغثاء السيل ,
•
فمنهم من تمشي بهم البدع و الضلالات في كل مذهب لأنهم ضيعوا العلم بحقيقة دينهم فلم
تقم في قلوبهم عقيدة صافية متينة لتحميهم من دعاوي الضلال و الإسفاف,, فهؤلاء احط
القوم قدرا لأنهم في الغالب قد انساقوا وراء سفاسف الحياة و الغايات فوهنت عزائمهم
, و حتى إن علت عزائمهم ففي غير الحق و على غير الجاده, فقد تجد منهم من كد و اجتهد
في نيل أسباب الدنيا(من علم أو منصب أو سلطة....) فبلغ منها مبلغه و لم تبلغ به, بل
قد تجد منهم من من يشمر عن سواعد الجد و العمل في محاربة ثوابت الاسلام و يكد في
الكيد بدعاته..و لا حول ولا قوة الا بالله.
• و من
لم يضيعه ضعف العلم عنده بان قيض له الله من زرع فيه مبادئ عقيدته و دينه و ثوابت
العلم بشريعته في صغره, قعدت به همة دنيّة لم تحمله على حمل الأمانة و تبليغ
الرسالة , فإما غشيته الغفلة فانساق مع تيار الفاسقين, و إما اعتزل الناس لينأى
بنفسه و دينه عنهم, و هؤلاء ربما كانوا أحسن حالا و لكنهم يغري بهم الضعف فيتسلط
عليهم من يذلهم و يستعبدهم فماذا قدموا لهذا الدين من خير؟؟
• فها هنا تفاوت الناس في العلم و العمل,, فمنهم من قعد
به ضعف علمه و ان علت همته, ومنهم من قعدت به همته و ان اكتمل به علمه , ومنهم من
علت همته و علا به علمه فهؤلاء هم الرواد الذين يكشف بهم الله الغمة و تعلو بهم
الأمة و يحيي بهم الله موات القلوب و ينير بهم البصائر فهديهم و يهدي بهم , نسأل
الله تعالى أن نكون منهم...
• فإذا وجدنا من
أنفسنا إنشغالاً بهذا الهم - مرة أخرى- فعلينا ان نبدأ في إعداد أنفسنا لهذه المهمة
بداية بالعلم الصحيح الثابت الذي يزيل اللبس و يعيد عقيدة التوحيد في قلوب الموحدين
صادقة صادحة صافية نقية , فتعود عروتنا الوثقى التي لا انفصام لها , أعرف أن هناك
من سيقول أن التبحر في علوم الشرع بفروعها فرض كفاية لكني هنا أتحدث عن ثلة تعد
أنفسها لحمل السراج و ليس لاتباع قبس ضوءه في آخر الركب, و هناك أساسيات في علوم
الشريعة لا سبيل للداعية الى الله أن لا يستجليها واضحة جلية في زمن كثر فيه
المحاربين للاسلام سرا و علنا من حولنا و من بيننا و في كل ساحاتنا و بيوتنا بل و
من أهلينا بعلم وسوء نية أو بجهل و حسن نية
ولا حول ولا قوة الا بالله .
و
مع اعداد أنفسنا بالعلم لابد لنا من همم عالية تطاول الثريا و عزائم ثابتة على
الصراط فوالله إن هذا الأمر عظيم فقد ابتلى الله تعالى فيه رسله و خاصته أشد البلاء
حتى يقولوا متى نصر الله..
• ثم ....
لا
مكان لليأس أو للقعود ,
"إذا إخترت أن أمضي للعلا...
يغدو محالا للخطو
أن يستحل الرجوع.."
ولن نطلب من الناس أن يكونوا كلهم رواد و لكن ان نحيي
فيهم تمسكهم بالعقيدة و بدين الله أن نعيدهم الى الأصول الثابته لهذا الدين و أن
نجمع قلوبهم على الحب في الله و البغض فيه أن نعيد لهم الوعي بتفاهة الدنيا و ننزع
من نفوسهم السعي لها و التمسك بها ان ناخذ باياديهم لتهذيب النفوس و تأليف القلوب و
العودة لخلق المسلمين أن نعيد للحق بهاءه في قلوبهم و للباطل خسته في عيونهم فما
أحوجنا لأن نعود فنرى الحق حقا و الباطل باطلا و هذا أمر يطول تفصيله,أن نعود بهم
الى الثقة و الإيمان المطلق أن الله تعالى هو وحده من يجري الأقدار و الأرزاق وهو
وحده من يضر و ينفع فلا يحني رؤوسهم الخوف من ذل العباد للعباد و لا تأخذهم في الحق
لومة لائم , أن نزرع فيهم التمرد على السلبية و اللامبالاة و الكسل و اليأس فما
أحوجنا لأن نكون أكثر إيجابية,أن ننزع من نفوسهم حب الدنيا و التمسك بها و الركون
إليها و نزرع فيها الإستعداد لبذل النفس و النفيس لاعلاء كلمة الله في الأرض...و أن
هذه هي غاية الغايات.
• بإختصار ...... أن
نكون سفراء للإسلام بين الناس فنعيدهم ليكونوا مسلمين بحق جملةً و تفصيلاً...
• أمر أخير ... ما أكثر من تركوا النضال في سبيل إعلاء
الأمة حين قعد بهم اليأس,
و ما أكثر من إعتزلوا مكابدة صخب الحياة و مخالطة
الناس لينأوا بأنفسهم عن ألم المخالطة و عناء الدفاع عن الحق في سطوة الباطل......
و هذه أنانية بشكلٍ ما و إن تبدت لهم في ثياب الزهد, و ما أكثر من شط بهم الحماس
فتعجلوا النتائج فإذ لم تثمر غراسهم بعد حينٍ تركوا الأمر جملة و تفصيلاً, إن أولئك
تفوتهم حقائق خالدة في تاريخ الأمة,
فقد تعلمنا أن نسعى و ان نخلص العمل و
ان نجاهد أن هذه هي رسالتنا الحقة أما النصر فذاك يمن به الله على من يشاء وقت
يشاء, و ها هنا لا يقل من دفع حياته في سبيل الله ولما تكتحل عيونه بالنصر و
التمكين ـ إن كان مخلصاً ـ لا يقل بحال عن من كُتب له أن يعايش هذا النصر و يجني
ثماره,من أخلص عمله لله لا يرضيه إلا أن يقبله الله تعالى , فالله تعالى هو الغاية
المبتغاة بالعمل و ليس صلاح العمل و علوه في الدنيا...ها هنا مدخل من مداخل
المثبطين.
يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: " إن قامت الساعة و بيد
أحدكم فسيلة فاستطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها فله بذلك أجر"
فسبحان الله
تعالى,,,لا مكان لليأس أو للقعود عن العمل في حياة المسلم, ولا عبرة لانتظار
النتائج, لكن العبرة كل العبرة في علو الهمة و إخلاص النية لله تعالى...
• و مرة أخرى ...إذا وجدنا من أنفسنا إنش
غالا بهذا
الهم فلا عذر لنا بالقعود عن حمل الراية عن إخلاص السعي لله تعالى لعله تعالى
يهدينا إليه و يهدي بنا و يجعلنا من الرواد القلائل الذين يعودون بالمسيرة الى جادة
الصواب...
والله المستعان..